لسنا من نسل البدون

في زيارتي للأردن في مطلع عام 2000 شاءت مقادير رب العالمين أن أتعرف برجل نبيل كريم الأصل سامي المنبع من اسرة بدويه عريقه وهي أسرة المشيخه لقبيلة كريمة  , وكعادتهم العرب وبالذات ذوي الأصول البدويه أول سفير يندبونه للتعارف وحسن الفال " ملح الزاد " أو على مايسمونه " يتمالح معك " , حاولت الإعتذار والقصد أن لا أكلف المقابل ولكن دون جدوى , تشرفت بإجابة الدعوى ورددت لهم الكره فدعوتهم مع علمي ويقيني أني لو أجلستهم على عشرين جزور لما أوفيتهم حقهم لأنهم اصحاب المبادره " وراعي الأوله ماينلحق " , تبادلنا أطراف الحديث مع الحضور فمال بنا الحديث للقبائل العربيه وهجراتها وتواجدها وإمتدادها في الدول العربيه إلى أن وصلت ذيول الحديث للقبائل الدخيله على العرب أو غير العربيه ثم إستعربت بسبب السكن أو التصاهر أو الإندماج بالمجتمع , فألقى هذا الصديق النبيل دره وكانت ذات تأثير على نفسي , قال نفع الله به , أن البدون المتواجدون في الكويت هم من الغحر وأكثرهم لا أب لهم معروف نسباً , الرجل لم يكن يعلم أني من أبناء هذه الفئه وأنا متأكد من ذلك فهو متأكد في قرارة نفسه أني كويتي وأحمل جواز سفر كويتي , فأطبقت على تلابيب الحديث ولويت عنانه بيدي , فقلت له وللحضور يعلم الله أن إمي صادقه سألتها من أبي فقالت هذا ابوك تزوجته على رؤوس الأشهاد وولدتك من بعد ثلاث سنين من زواجي بأبيك , ومن شدة شبهك بأبيك أني لا أميز بين صوتك وصوت أبيك , فرأيت علامات التعجب مخلوطة بالإستغراب تعلو وجوههم , فقلت قد نقضت لكم أن لا أب لي , وأردفت قائلاً لهم سألت أبي لأي العرب مئالي فعدد لي اسمائهم لقيس عيلان واسماء أمهات أجدادي , فلم يجرأ عربي على أن ينفي بدليل نسبي وإنتسابي لأحسابي , فرأيت علامات الخجل على وجه الصديق العزيز وعلى كثير من الجالسين الذين هم اساساً أصدقاء له , فقال أحدهم والله إن الذي قلنا ماهو إلا ماقيل لنا من أخوانكم وأبناء جلدتكم وشركاءكم في الوطن , ولم نكن نعلم أن هؤلاء البدون قبائل وعشائر عربيه ذوو حسب ونسب , تداركت الموقف ولكي أرفع الحرج عن ضيوفي ولا أزيد اللوم عليهم , فهم بحال لا أتمناه لعدوي , أن تكون في ضيافة شخص ما وتطعن في نسبه وتشكك في طهارة مولده , قد يستغرب القارئ ماسبب إسهابي في هذا الموقف وذكر ادق تفاصيله , إن لهذا الموقف ومقال الدكتور محمد صالح المسفر الذي نشر في جريدة الشرق القطرية عامل مشترك , ألا وهو النظرة الدونيه لفئة البدون في الكويت التي كان السبب بها جهل الكثير عن أحوالهم وتلقفهم مايقال عنهم زوراً وبهتاناً من مبغضيهم ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن صحة ماسمعوا.


دكتور محمد المسفر , كعادتي وعلى ماجبلت عليه وماتمليه علي رجولتي أني لا أستعيض بالكلام المرسل المبطن في حين إحتياج الموقف للصراحة والجرأه , فخذ مني , ما يدفع الشك ويثبت اليقين , قد ذكرت في مقالك مانصه للرد على الجملة التي أثارتك من الكاتب إياه الذي أنت عنيت به مقالك " لسنا من نسل  البدون  ولو أن في  البدون  من هم أشرف منك مقاما وأعرق منك أصلا. " كان هذا ردك على الكاتب عندما جاء في مقاله هذا الوصف " البحث عن زوجة خليجية لذكر من الأردن أو زوجة أردنية لمواطن من الخليج " في إعتراضه على إنضمام الاردن والمغرب لمنظومة الخليج العربي , لك شأنك وله شأنه في أن تعترضوا وأن تبدو موافقتكم فيما تشاؤون , ولكن لاتملك الحق أنت أو من هم سواك أن يصف فئة البدون بأنهم يعرضون بناتهم للزواج من خليجي أو رجالهم يبحثون عن خليجيات بهدف المصلحة والربح والتسلق والتطفل على مجتمع لايمتون له بصله , وإن قلت أين عنيت بذلك فأقول لك عندما أجبته " لسنا من نسل البدون " , ومن باب أن لاتبخسوا الناس أشيائهم لا أنكر لك إعترافك بأن هناك من البدون من هم أهل شرف وأصول عريقه , سأرد على الشق الأول وأشكر لك الشق الثاني من إعترافك بالحق , إن قولك كلمة لسنا من نسل البدون مع تبعيضك بأداة من وأشرت بإشارة هم هذا دلالة على أنك تعلم أن هناك من هم من البدون ذوي أصل وشرف وليس جميعهم , وهذا ما اثار قلمي واطلق العنان لفكري لأضع الامور حيث نصابها , سأحملك على سبعين محمل وسأكتفي بواحد فقط , وهو أنه لربما نقل لك بأن هناك من البدون من هم لا اصل ولا فصل ولا حسب ولا نسب لهم , لهذا ذكرتهم أنت في معرض ردك , ليكن في علمك إن كنت جاهل في أمرهم والجهل في الشئ لا ينقصه من قدره شيئاً , إن كافة البدون وجميعهم بلا إستثناء ممن هم في الكويت , أبناء قبائل عربية من كلاكل بيوت العرب وأهل أرومتها , ولا أقول أنهم يرتبطون بكافة قبائل الجزيرة العربيه بل أن قبائل الجزيرة العربيه جميعها ترتبط بالبدون , كثير من البدون ينتمون لقبيلة أجود العقيلية الهوازنية ثلث قبيلة المنتفق واظنك أعرف بها مني , لقربك من سلطنة نفوذهم القديمة , وكثير من العوائل والقبائل القطريه تنتمي لهذه القبيلة العربيه العريقه , ومن البدون من هم ينتمون لقبيلة بني مالك الثلث الثاني لقبيلة المنتفق , وسلم الله لنا مخطوطات ومذكرات العابرين في خليجنا العربي من مستشرقين ومؤرخين من مكتب الهند الذين ماذرو صغيرة ولا كبيرة إلا وذكروها ومن بين ماذكرو أن هناك قبيلتان من القبائل التي تسكن في قطر وتحديداً في البدع " الدوحه حالياً " ينتمون لقبيلة بني مالك من حلف المنتفق , عدا أن من البدون من ينتمي لقبيلة بني سعيد الثلث الثالث لحلف المنتفق , وكفاك ببني سعيد معرفةً , فهم ثقل بني تميم نصل سنان حربها , ومن أعرف منك بتميم فأنت في أرضهم وديارهم , والبقية الباقية ثلل تنتمي لبني هاشم وعتيبة هوازن وعنزه وشمر وبني خالد وطئ وتميم وخفاجة وبني عامر وهلال واسد وعبس و نعيم و كعب و بني لام وأخوانهم فضل , والبقية من القبائل العربيه العريقه التي وإن لم أذكرها لعدم حصري لهم جميعاً لن ينقصهم من فضلهم واصالة نسبهم شيئاً , إن جميع البدون ولا أستثني منهم أحداً كل منهم , ماهو إلا صحيح النسب لجدين من اجداد العرب قحطان أو عدنان بأسماء متصله لا إنقطاع لتسلسلها , وأجزم بما لا يجعل للشك منفذ بمقدار حبة خردل أن كثير من العوائل والقبائل القطرية هذا إن لم يكن جلها تتكون من ذات النسيج المكون لفئة البدون التي ذكرت بمقالك متهكماً أنكم لستم من نسل البدون الذين يعرضون بناتهم على الجانبين بقصد تزويجهم من خليجيين ليضمنوا معيشةً رغدا من بيع الغاز المصاحب "ودرامات النفط" , دكتور محمد أردت أن تنكأ شانئ لك فوقعت في كارثة وسقطت في هوة لا قرار لها , فأقول لك مالم يجرأ على قوله أحد , إن كان بعض البدون كما ذكرت في مقالك حيث إصطفيت بعضهم دون الآخر , يعرضون بناتهم كما ذكرت , فاعلم أن هؤلاء البدون ابناء عم كل القبائل العربيه بمختلف انسابها التي تشكل شعوب دول مجلس التعاون الست وجمهورية العراق , وأنت ذو لب ولن اسهب وأسمعت بردي هذا كل حي.


الناس أمناء على أنسابهم , وجدت في بعض المنتديات من ذكر أن نسب الدكتور يرجع لقبيلة كريمه من قبائل اليمن , فشفع له عندي هذا الأمر أنه لايوجد من بين ابناء البدون أو قبائلها من ينتسب لعائلة أو قبيلة عربية تقطن اليمن حالياً فعذرت له عدم معرفته بهم , وشفع له عندي أيضاً أن ماساهم في تشكيل هذه القناعة هو دناءة الكثير من الكارهون للحق ممن خلقوا معادين لفئة البدون من غير ذنب أو سبب فدفعتهم نفوسهم المريضه بالتجني على هذه الفئة الكريمه بقبائلها وعوائلها وحمل وزرهم فوق أوزارهم التي هم حاملوها ولكم بإفتتاحية المقال وماذكرت من موقف عبرة وعظة على مدى رجس تلك النفوس , وأخيراً شفع له عندي أنه من ابناء العزيزة قطر , فمن كان من أهل هذه الأرض فذنبه عندي مغفور وزلته تدمح .


يوسف بدر


قام موقع مدار برس بنشر هذه المقاله بعد مراسلتي لهم كون أنهم نشرو مقال الدكتور وأشكر لهم مهنيتهم في تقبل الرأي والرأي الآخر
http://madarpress.com/forum.php?action=view&id=245